خيوط العنكبوت

خيوط العنكبوت أنقذت نبينا (صلى الله عليه وسلم)..
ولكنها لم تنقذنا..
بل إلتفت حول أعناقنا تسلبنا معنى الحياة..
فيالا تلك الأقدار..كلما تقدم العمر بخيوط العنكبوت
ترتد عن ملتها..



الخيط الأول.

فكرة..تسلقت حائطٌ في زاوية مظلمه..
يتلصصُ شعاعٌ من الضوء على إحدى أركانه..
شئٌ من غبار السنين الراحله يغطي أسطح المكان.. يتلبد في أجزاء متناثره , يناشد الدفئ والسكون..

نظرةٌ خاطفة على المكان..
صمتٌ رهيب..وصوت السكون الموحش إيقاعٌ يمضي في هدوء,كي لا يوقظ الأعين النائمة الحالمه..

خيطٌ رفيعٌ يتوسط الأحداث..
يحاول أن يطبع بصمتهُ بين الزحام..
ولكن..
من أين يبدأ المشوار؟ ومن أي زاوية ينطلق؟
وفي أي ركن من الأركان يلصق أصابعه الصغيره؟

سيبدأ من اليمين..أقصى اليمين.. وسينحرف يساراً نزولاً للأسفل..
سيسري مع التيار, فلن يخالف عقارب الساعة أمراً..
ولن يماطل ليتقدم..فعواقبُ السرعة معروفه (مسافةٌ وزمن)..
وهو يهوى العمل في هدوء , ليرسم أول حلقةً مفرغة في المسلسل..

الخيط الثاني..

بداية رحلة طويله..
يبتدأ المشوار بخطوات هزيله, مترنحه.. بها الكثير من الإصرار والعزيمه..
نفس المسار السابق..
أقصى اليمين نزولاً الى اليسار..وتكتمل الحلقه..
خيطٌ رفيع تكاد أن لا تبصره الأعين..
عنادٌ وتصميم,وحملة تصحيح للأخطاء تعيدُ العقارب لوضع الإستعداد..
فتكتمل حلقه اخرى بصمت وبرود..
لا أحد يدري متى بدأت لتكتمل!؟ ولا أحد يعلم كيف تعملُ في الخفاء تلك الأصابع الصغيره؟...
الأحداث بدأت في التسارع, وحلقاتٌ أخرى تتكامل,ليشتد الخناق..
أكوام الغبار تشعرُ بالضيق والرغبة في الهروب..
لم يعد المكان كما كان..
زال الصمت وإنقطع إيقاع السكون..الجو أصبح مُعبأً بالحركة المخيفه..
ضيفٌ أصبح سيداً..
يفرض السيطرة على الحضور..

الخيط الثالث..

يمضي بلا توقف..ويتسارعُ بلا رحمه,بلا هدوء وبلا رويه..
ويشتدُ الخناق أكثر فأكثر..
الظلام تحول الى كابوس أسود..
وخيوط عنكبوت..
لم تكن بيضاء كما إعتادتها الجدران..كانت سوداء باللون الأسود الغامق...
صفير الريح عند الحواف يعطي أحساساً اخر للمرحله..
رهبه..
رعشة المكان أقحمت البرودة في الرحله..الطقسُ أصبح قاسياً..لزجاً يعتصر أنفاس كائنات الليل المترنحه في سماء المنطقه..تصارعُ دونما جدوى للخلاص..
فالخيط الأول (فكره),والخيط الثاني (رحله), والخيط الثالث (يمضي بلا توقف)..
الرؤية أصبحت مستحيله في هذا المكان..الغبار يأخذ أنفاسه بصعوبة وخوف..لا يقوى على الحراك,فلقد إعتاد الصمت الطويل..
أكوامٌ من البقايا المتناثره ملئت المكان..وخيوط العنكبوت تطوق أركان الحائط..
أمرٌ غريب..
كيف تزين هذه المدينة نفسها ببقاياها!؟
أبفكرة خيطها الأول؟أم برحلة خيطها الثاني؟أم بخيطها الثالث الذي يمضي بلا توقف؟أم لربما.. بمزيج بين الخيوط؟

...وتهتز الشبكه..
إخترق أحدهم الأجواء المحرمه..وحاول الهروب..
شئٌ ما يمتصه الى الداخل ويغلق الأبواب..العنكبوت صاحب القضية والأرض..
يرسم خارطة الشكل الجديد..(عابر طريق لاهث)..
مواصفات الجوده موجوده..
يُحيكُ من زبد الأفواه المُطبقه قميصاً من حرير..ويُلبسه الصقيع..
مواصفات الجوده مطلوبه..(فالبرد لا يؤذي الجليد)..
وهناك حيث يرقد كل اللاهثين- بأثوابهم الجديده..لكأنهم يرتدون حُلة عُرس لم يكتمل- تنظر المدينة عبر نافذة صغيره- كل المدينه تقبع في نافذة صغيره- تنظر هناك..حيث الضوء يتربصُ بسطح جدار اخر..وحبيبات الغبار تتلمس طريقها بين الأركان..
هدوءٌ.. روعةٌ.. وجمال..
واثار الطلاء الذي لم تهدأ أنفاسه بعد.. تمهد الطريق لأعين طواق الى النوم ..
وهناك عند السطح البعيد..يزحف الريح ثملاً..حاملاً تباشير العيد..
خيطٌ جديد..
من أقصى اليمين ينحرفُ يساراً نزولاً للأسفل..
يبتدأ المشوار بفكره..وينتهي بمدينه تنظر الى الجدران من نافذة صغيره..

لن أطيل السطور بل سأدع السطور تُطيلُني..
خطٌ عريض, وقلمٌ أعرض يكاد حبره أن ينتهي..
سيكتب الفراغ في مكاني بلا حروف..
سطورٌ كخيوط العنكبوت عريضة , وقلمٌ أعرض يمسكُ يدي
وينقش فوق صفحة أعصابي على غير هدىً..